فتح وحماس ماذا بعد ازمة غزة

صعد الجيش الإسرائيلى هجماته ضد قطاع غزة أوائل شهر مارس 2008، مما أدى إلى مصرع نحو 120 من الفلسطينيين، وإصابة مئات منهم بجراح متفاوتة، فضلا عن تخريب وتدمير عشرات البيوت والممتلكات، دون تمييز بين مدنى وعسكري.

وكان الجيش الإسرائيلى قد دأب خلال الأشهر الماضية على شن هجمات متفاوتة فى القطاع، مستهدفا نشطاء المنظمات المسلحة، خصوصا من حركتى حماس والجهاد الإسلامى، وكتائب المقاومة الشعبية، وكتائب شهداء الأقصى، مما أدى إلى مقتل نحو 160 من الفلسطينيين، فى شهرى يناير وفبراير 2008.

وقد اتخذت إسرائيل فى هجماتها ذريعة الدفاع عن النفس، ومحاولة وقف إطلاق صواريخ القسام وقذائف الهاون من قطاع غزة على البلدات الإسرائيلية المتاخمة، وخصوصا بلدتى سديروت وعسقلان.

بغض النظر عن المآرب السياسية، والسياسات العدوانية والوحشية التى تنتهجها إسرائيل ضد الفلسطينيين، فإن هؤلاء بدورهم يتحملون قسطا من المسئولية عما يجرى، وذلك فى الجوانب التالية: أولا- الانقسام الحاصل بينهم، والذى وصل إلى حد الاقتتال، مما سهل على إسرائيل اعتبار قطاع غزة منطقة عدوا، وأدخل الفلسطينيين فى صراعات مجانية جانبية، تفيد إسرائيل، وتخدم مآربها فى التهرب من استحقاقاتها فى عملية التسوية، وتقويض العملية الوطنية الفلسطينية، وعملية قيام دولة مستقلة.

ولا شك فى أن هذا الانقسام بحيثياته أضعف صدقية الحركة الوطنية الفلسطينية على الصعيدين العربى والدولى، وأسهم فى التشويش على عدالة قضية فلسطين، وعمق الإحباط فى صفوف الفلسطينيين.

ثانيا- التخلف والتهور فى إدارة الصراع ضد إسرائيل.

ومثلا، فإن عمليات القصف الصاروخى، وسابقا العمليات التفجيرية فى المدن الإسرائيلية، أدت إلى تكبيد الفلسطينيين خسائر فادحة على المستوى السياسى، والبشرى والمادى، أكثر بكثير مما كبدت الإسرائيليين، وبينت عدم إدراكهم للمعطيات الدولية والإقليمية المحيطة بهم وتخبطهم ومزاجياتهم وتنافساتهم فى إدارة صراعهم مع عدوهم.

ثالثا- لقد زج الفلسطينيون فى السنوات السابقة بكامل قواهم فى عمليات المقاومة المسلحة ضد إسرائيل، وضمنها العمليات التفجيرية، بدون حساب لموازين القوى، ولقواعد حرب الضعيف ضد القوى، ومن دون احتساب لضرورة استمرارية المقاومة فى حرب شعب طويلة الأمد، أو فى حرب استنزاف طويلة، لا تستهدف هزيمة العدو بضربة قاضية، وإنما إنهاكه ورفع تكلفة احتلاله...